الأحد، 23 أكتوبر 2011

هل تعرف ما تريد ؟


نعمة معرفة ما الذي يريده الواحد منا في هذه الحياة، وما الذي يريد أن يكون عليه، بمعنى، هل تعرف المجال الذي تحبه فعلا، وتكون مستعدا للتضحية بكل شيء مقابل أن تعمل فيه؟ هل أنت مستعد لترك بلدك وأهلك والسفر لتلقي العلم أو للانخراط في مهنة غير متوفرة في محيطك؟ هل أنت مستعد للاستمرار في المحاولة حتى تفارق الروح الجسد، وتكون سعيدا بذلك وقتها؟
ماكسي فايلر أحب مهنة المحاماة، وأحبها لأنها تعيد الحقوق إلى من سُـلبت منهم، وهو أراد الجانب النبيل من مهنة المحاماة، ولعلي نسيت أن أقول أن ماكسي لا يترافع في جميع القضايا، مثل قضايا الإفلاس وما في حكمها، وعندما بحثت عن تعليق ماكسي على عدم نجاحه في 48 اختبارا، وجدته يقول أنه مؤمن أنه نجح في كل اختبار، لكن المصححون هم من لم يوافقوا على نجاحه، ذلك أن إجاباته كانت تميل إلى طريقة الدفاع النبيل عن الحق، بدون استعمال الإطناب الذي اعتادت عليه بقية جوقة المحامين.

إذا كنت تعرف في داخلك ما الذي تريد أن تكونه، وتعرف هدفك في الحياة، ذلك الهدف الذي لو كان تحقيقه يعني أن تتنازل عن كل ما تملكه، لفعلت عن طيب خاطر، هدف يجعلك في أحلك الظروف تبتسم وتشعر بالسعادة لأن حصيلة يومك في النهاية جعلتك تقترب من تحقيق هذا الهدف، فأنت ساعتها تملك كنزا من كنوز الدنيا، فلا شيء يعادل نفسا راضية من داخلها بما يفعله صاحبها.
هل مارس ماكسي المحاماة بعد مرور 25 سنة في الاختبارات؟ لقد مارسها كل يوم من أيام الاختبارات والاستعداد لها، لقد كان يكتب المرافعات وافتتاحيات القضايا لغيره من المحامين، ثم لأبنائه الذي امتهنوا المحاماة، هل مارسها بعدما نجح في الاختبار وحصل على الإجازة وسنه 61 عاما؟ لقد بحثت ولم أجد خبرا يدل على وفاة ماكسي أو تقاعده عن العمل في وقتنا الحالي، ولذا سأفترض أن نجمه لا زال يسطع في سماء المحاماة ورد المظالم وحفظ الحقوق.
لا تعارض بين ما فعله ماكسي، وبين الحكمة القائلة إذا باءت كل محاولتك بالفشل، اذهب إلى مجال آخر وحاول فيه، فليس الأمر عنادا أو رغبة في أمر خيالي لا يمكن حدوثه، ماكسي كان لديه رغبة عارمة في الممارسة النبيلة للمحاماة، وهو بذل من عمره ربع قرن من الزمان – عن طيب خاطر –لتحقيق حلمه هذا، وهو حلم مشروع، قابل للتحقق، وحصل عليه في النهاية.
إذا كنت حقا تعرف ما الذي تريده، فهنيئا لك، لكن لا تفـرّط في هذه النعمة وتتركها تضيع، ولو بذلت عمرك في الحفاظ عليها، فكم لدينا من أقوام ونساء عاشوا رؤية غيرهم لهم، ولم يغامروا ويجازفوا بخوض غمار تحقيق رؤيتهم هم. ماكسي فايلر لم يندم لحظة على 25 سنة من المحاولات، فهل أنت مستعد للتضحية مثله؟ عندما ترقد على فراش الموت، وتسترجع ما فعلته في هذه الدنيا، هل تريد أن يقال فعل كما قيل له، أم فعل ما أراده في حياته وعاش رؤيته ومات راض عن نفسه، أم مات وهو يحاول بلوغ هدفه؟ الأمر إليك.
من مدونة شبايك